إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الأول)
188440 مشاهدة
صيام التطوع

وسئل عن صوم يوم عرفة؛ فقال: يكفر السنة الماضية والباقية .


صيام التطوع:
أولا: صيام يوم عرفة:
قوله: (وسئل عن صوم يوم عرفة فقال: يكفر السنة الماضية والباقية ):
يوم عوفة هو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، وسمي بذلك لأن الحجاج يقفون فيه في عرفة، وغير الحجاج يحبون أن يشاركوهم في عمل يحصل لهم به أجر، وأفضل ما يشاركونهم به صوم ذلك اليوم.
ولما كان ذلك اليوم يوما فاضلا ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- فضله؛ بقوله: خير يوم طلعت عليه الشمس يوم عرفة وأخبر بأنه لم ير الشيطان في يوم أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة؛ لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام فغير الحجاج يشرع لهم صومه تقربا إلى الله لفضله، أما الحجاج فيفطرون؛ لأنهم ضيوف الله، كما ورد في بعض الآثار، فالله تعالى أكرم من أن يجيع ضيوفه أو أن يتعبدهم بالجوع؛ ولأن الفطر أقوى وأنشط لهم على الدعاء وعلى الأعمال الصالحة، فيفطرون ولو لم يكن عليهم مشقة في الصيام.
وفضل صيام عرفة أنه يكفر سنتين، ولعل المراد تكفير صغائر الذنوب، فإن الكبائر تحتاج إلى توبة؛ لذلك ورد في تكفير الأعمال قوله عليه الصلاة والسلام: الصلوات الحمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر فجعل تكفيرها يختص بالصغائر، وقد تكفر الكبائر، إذا علم الله تعالى نية العبد وإخلاصه وصدقه وتوبته كفر الله عنه الصغائر والكبائر.